والظفر بخيراته ، وأعرضوا عمّا ألزمهم به النبي (صلّى الله عليه وآله) من التمسّك بعترته وعدم التقدّم عليها ، ووجوب رعايتها في كل شيء.
وربح أبو بكر في خطابه السالف وكسب به الموقف ، فقد أثنى فيه على الأنصار ، ومجّد فيه جهادهم وجهودهم في خدمة الإسلام ، وبذلك قد أخمد نار الثورة في نفوسهم ، كما منّاهم بالحكم فجعلهم الوزراء ، وفنّد ما كان يختلج في نفوسهم من استبداد المهاجرين بالأمر واستئثارهم بالحكم ، وأفهمهم أنه إنّما قدّم المهاجرون ؛ لأن العرب لا تدين إلاّ لهم ، وكأنّ هذه القضية الإسلامية الكبرى من قضايا العرب وحدهم ، وليس لبقية المسلمين فيها حق؟!
وها هنا نكتة بارعة عمد إليها أبو بكر وهو أنه جعل نفسه حاكماً في هذا الأمر ، وجرّد نفسه من جميع الأطماع السياسية ، وبذلك فقد غزا نفوس الأنصار ، وملك قلوبهم وعواطفهم ... وانبرى عمر فأيّد مقالة صاحبه فقال : هيهات! لا يجتمع اثنان في قرن. والله لا ترضى العرب أن يؤمّروكم ونبيّها من غيركم ، ولكن العرب لا تمتنع أن تولّي أمرها مَن كانت النبوة فيهم وولي اُمورهم منهم ، ولنا بذلك على مَن أبى الحجّة الظاهرة والسلطان المبين. مَن ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته ، إلاّ مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة؟
وليس في هذا الخطاب شيء جديد سوى التأكيد لِما قاله أبو بكر من أحقّية المهاجرين بخلافة النبي (صلّى الله عليه وآله) منهم أولياؤه وعشيرته. يقول الاُستاذ محمد الكيلاني : إنه احتجّ عليهم بقرابة المهاجرين للرسول ، ومع