وحقّقت الثورة على عثمان مكسباً عظيماً للمسلمين ، فقضت على الاستغلال والتلاعب بمقدّرات الاُمّة ، وقضت على الغبن والظلم الاجتماعي ودكّت عروش الطغيان ، وحقّقت للاُمّة أهمّ ما تصبو إليه من تحقيق العدل والرخاء والأمن.
لقد استهدفت الثورة القضايا المصيرية للاُمّة ، وكان من أهمّها ترشيح الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) لمنصب الحكم ، ويقول المؤرّخون : إنّ الثوار وسائر القوات المسلحة قد احتفّت بالإمام ، وهي تهتف بحياته وتناديه : لا إمام لنا غيرك.
لقد أيقنت الأوساط الشعبية أنّ الإمام هو الذي يحقّق آمالها وأهدافها ويعيد لها كرامتها ، وأنها ستنعم في ظلال حكمه بالحرية والمساواة والعدل ، فأصرّت على انتخابه وتقليده شؤون الخلافة.
واستقبل الإمام الثوار بالوجوم وعدم الرضا بخلافتهم ؛ لعلمه بالأحداث الرهيبة التي سيواجهها إن قَبِل خلافتهم ، فإنّ الأحزاب النفعية التي خلقتها حكومة عثمان قد تطعّمت بالخيانة ، وتسربلت بالأطماع والمنافع الشخصية ، وأنها ستقف في وجهه ، وتعمل جاهدةً على مناجزته والحيلولة بينه وبين تحقيق مخططاته السياسية الهادفة إلى تحقيق العدل والقضاء على الجور.
وهتف الإمام بجماهير الشعب التي احتفّت به معلناً رفضه الكامل لخلافتهم ، قائلاً لهم : «لا حاجة لي في أمركم ، فمَن اخترتم رضيت به».
وأيّ حاجة للإمام في خلافتهم ، فهو لم ينشد مكسباً خاصّاً له أو لاُسرته ،