كان جهاز الحكم الإداري في عهد أبي بكر خاضعاً لإرادة عمر بن الخطاب فهو المخطط لسياسة الدولة ، والواضع لبرامجها الداخلية والخارجية قد وثق به أبو بكر ، وأسند إليه جميع مهام حكومته ، فلم يعقد أيّ عقد أو يقطع أيّ عهد إلاّ عن رأيه ومشورته ، كما لم يوظّف أيّ عامل إلاّ بعد عرضه عليه.
أمّا تعيين الولاة على الأقطار والأقاليم الإسلامية ، أو إسناد أيّ منصب حسّاس من مناصب الجيش فإنه لا يمنح لأحد إلاّ بعد إحراز الثقة به والإخلاص منه للحكم القائم ، والتجاوب مع مخططاته السياسية ، فمَن كانت له أدنى ميول معاكسة لرغبات الدولة فإنه لا يرشّح لأيّ عمل من أعمالها ، ويقول المؤرّخون : إنّ أبا بكر عزل خالد بن سعيد بن العاص عن قيادة الجيش الذي بعثه لفتح الشام ، ولم يكن هناك أيّ موجب لعزله إلاّ لأن عمر نبّهه على ميوله لعلي ، وبيّن له مواقفه يوم السقيفة التي كانت مناهضة لأبي بكر (١).
ولم يعهد أبو بكر بأيّ عمل أو منصب لأحد من الهاشميين ، وقد كشف عمر الغطاء عن سبب حرمانهم في حواره مع ابن عباس : من أنه يخشى إذا مات وأحد الهاشميين والياً على قطر من الأقطار الإسلامية أن يحدث في شأن الخلافة ما لا يحب (٢).
كما حرم الأنصار من وظائف الدولة ؛ وذلك لميولها الشديد إلى علي
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١ / ١٣٥.
(٢) مروج الذهب المطبوع على هامش ابن الأثير ٥ / ١٣٥.