لو أنّ لي ما في الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه (١).
وقال لولده عبد الله : ضع خدّي على الأرض ، فلم يعن به وظنّ أنه قد اختلس عقله ، فأمره ثانياً بذلك فلم يجبه ، وفي المرّة الثالثة صاح به : ضع خدّي على الأرض لا اُمّ لك!
وبادر عبد الله فوضع خدّ أبيه على الأرض فأخذ يجهش بالبكاء ، وهو يقول بنبرات متقطعة : يا ويل عمر! وويل اُمّ عمر إن لم يتجاوز الله عنه (٢)! وطلب عمر من ابنه أن يستأذن من عائشة ليدفنه مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأبي بكر ، فسمحت له بذلك (٣).
وعلّقت الشيعة على ذلك كما علّقت على دفن أبي بكر فقالت : إنّ ما تركه النبي (صلّى الله عليه وآله) إن كان لا يرثه أهله ، وإنما هو لولي الأمر من بعده ـ حسب ما يرويه أبو بكر ـ فلا موضوعية للإذن من عائشة ، وإن كان يرجع إلى ورثته ـ كما يقول به أهل البيت (عليهم السّلام) ـ فليس لعائشة فيه أيّ نصيب ؛ لأنّ الزوجة لا ترث من الأرض حسبما قرّره فقهاء المسلمين ، ولا بدّ له من الإذن من ورثة النبي (صلّى الله عليه وآله) ولم يتحقق ذلك.
نحن أمام كارثة مذهلة ومفزعة امتُحن بها المسلمون امتحاناً عسيراً
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٢ / ١٩٢.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٢ / ١٩٣.
(٣) شرح نهج البلاغة ١٢ / ١٩٠.