«إنّكم مسؤولون فليبلّغ الشاهد منكم الغائب» (١).
وبذلك انتهى خطابه الرائع الحافل بما تحتاجه الاُمّة في الصعيد الاجتماعي والسياسي ، كما عيّن لها القادة من أهل بيته الذين يعنون بالإصلاح العام ، وببلوغ أهداف الاُمّة في مجالاتها الاقتصادية والاجتماعية.
ولمّا انتهى الرسول (صلّى الله عليه وآله) من حجّه قفل راجعاً إلى يثرب ، وحينما انتهى موكبه إلى غدير خم ، هبط عليه أمين الوحي يحمل رسالة من السماء بالغة الخطورة ، تحتّم عليه بأن يحطّ رحله ليقوم بأداء هذه المهمة الكبرى وهي نصب الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) خليفةً ومرجعاً للاُمّة من بعده ، وكان أمر السماء بذلك يحمل طابعاً من الشدّة ولزوم الإسراع في إذاعة ذلك بين المسلمين ، فقد نزل عليه الوحي بهذه الآية : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ) (٢).
لقد أنذر النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه إن لم ينفذ إرادة السماء ذهبت أتعابه ، وضاعت جهوده وتبدّد ما لاقاه من العناء في سبيل هذا الدين ، فانبرى (صلّى الله عليه وآله) بعزم ثابت وإرادة صلبة إلى تنفيذ إرادة الله ، فوضع أعباء المسير وحطّ رحله في رمضاء الهجير ، وأمر القوافل أن تفعل مثل ذلك ، وكان الوقت قاسياً في حرارته حتّى كان الرجل يضع طرف ردائه تحت قدميه ليتّقي به من
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٩٠ ـ ٩٢.
(٢) سورة المائدة : نصّ على نزول هذه الآية في يوم الغدير الواحدي في أسباب النزول ، والرازي في تفسيره ، وغيرهما.