بشؤون الدين كان متوفرة عند الكثيرين من المهاجرين والأنصار من صحابة النبي (صلّى الله عليه وآله) ، فكان الأجدر تعيين هؤلاء في مناصب الدولة ، وإبعاد الاُسرة الاُموية عنها ؛ لوقاية المجتمع الإسلامي من مكائدها وشرورها.
وقبل أن نعرض إلى السياسة المالية التي نهجها أبو بكر نودّ أن نعرض إلى السياسة المالية التي وضع برامجه الإسلام ، فقد استهدف فيها إذابة الفقر ، ومكافحة الحرمان وتطوير الحياة الاقتصادية بحيث تتحقق الفرص المتكافئة لعامة المواطنين ، بحيث لا يبقى أي ظلّ للبؤس والحاجة ، ويعيش الجميع حياة يسودها الرخاء والرفاه.
وكان أهم ما يعني به الإسلام إلزام الولاة بالاحتياط في أموال الدولة ، فلم يجِز لهم بأيّ حال أن يصطفوا منها لأنفسهم شيئاً ، كما لم يجِز لهم أن ينفقوا أيّ شيء منها لتوطيد حكمهم ودعم سلطانهم. وكان الطابع العام لهذه السياسة المساواة بين المسلمين في العطاء ، فليس لرئيس الدولة أن يميّز قوماً على آخرين ؛ فإنّ ذلك يخلق الطبقية ، ويوجد الأزمات الحادّة في الاقتصاد العام ، ويعرّض المجتمع إلى كثير من الويلات والخطوب.
ويقول المؤرّخون : إنّ أبا بكر قد ساوى في العطاء بين المسلمين ، ولم يشذ عمّا سنّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) في هذا المجال ، إلاّ أنّ بعض البوادر التي ذكرت تجافي ذلك فقد وَهَب لأبي سفيان ما كان في يده من أموال الصدقة ؛ كسباً لعواطفه التي تشترى وتباع بالأموال (١) ، كما قام بتوزيع شطر من الأموال على
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ٢٠٢.