وظهرت الملكيات الواسعة والإقطاعات الكبيرة ، وقام بزراعتها الموالي والرقيق والأحرار ، وظهر تضخّم المال وكثرة الأتباع عند فريق خاص من الناس. ويرى ما سينون وفلهوزن : إنّ إقطاع هذه الأراضي الزراعية قد حدث قبل أيّام عثمان.
وعلى أيّ حال فإن هذا الإقطاع الكبير قد أوجد النظام الطبقي ، وخلق الصراع بين أبناء الاُمّة.
واستنزف عثمان بيوت الأموال فاصطفى منها لنفسه وعياله ما شاء ، ويقول المؤرّخون : إنه كانت في بيوت الأموال جواهر ثمينة لا تقدّر قيمتها فأخذها وحلى بها بناته ونساءه (١) ، وقد بالغ هو بالذات في البذخ والسرف إلى حدّ لم يألفه المسلمون ؛ فقد أشاد داراً في يثرب فبناها بالحجر والكلس ، وجعل أبوابها من الساج والعرعر ، واقتنى أموالاً وجناناً وعيوناً بالمدينة (٢).
وكان ينضد أسنانه بالذهب ، ويتلبس بأثواب الملوك ، وأنفق الكثير من بيت المال في عمارة ضياعه ودوره (٣). ولمّا قُتل وجد عند خازنه ثلاثون ألف ألف درهم ، وخمسون ومئة ألف دينار ، وترك ألف بعير ، وصدقات ببراديس وخيبر ووادي القرى ما قيمتها مئتا ألف دينار (٤).
__________________
(١) الأنساب ٥ / ٣٦.
(٢) مروج الذهب ١ / ٣٣٤.
(٣) السيرة الحلبية ٢ / ٨٧.
(٤) طبقات ابن سعد ٣ / ٥٣.