رسالته وناجزته الحرب حتّى اضطر إلى الهجرة ليثرب ، وإنّ مَن آمن به منهم لم يتمكّن أن يحميه ويذبّ عنه ، وبذلك فلا حقّ لهم في الحكم ، ولا نصيب لهم في إدارة شؤون الدولة الإسلامية التي أقامها الرسول (صلّى الله عليه وآله) والتي ما قامت إلاّ على سواعد الأنصار وجهادهم.
ومما يؤخذ به على سعد أنّه قد تناسى العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم ، فلم يعرض إلى سيّدها الإمام أمير المؤمنين الذي هو باب مدينة علم النبي ومَن هو منه بمنزلة هارون من موسى ، فقد تجاهله ودعا إلى نفسه وقومه ، وأوّل سهم سدّد إلى آل البيت (عليهم السّلام) كان من ذلك اليوم الذي تعمّد فيه الأنصار والمهاجرون على الغضّ من كرامة عترة نبيّهم في سبيل الوصول إلى كراسي الحكم ، والتنعّم بخيرات الدولة ومناصبها.
وعلى أيّ حال فإنّ سعداً قد أخطأ إلى حدّ بعيد في تجاهله لحقّ الإمام (عليه السّلام) ، ولا نرى له أيّ مبرّر في ذلك ، فقد جرّ للاُمّة الفتن والويلات وألقاها في شرٍّ عظيم ، فقد انحرفت الخلافة عمّا أرادها الله ورسوله من جعلها في العترة الطاهرة التي هي أحرص ما تكون على الالتزام بحرفية الإسلام وتطبيق شؤونه وأحكامه.
وقد لاقى سعد جزاء عمله ، فإنه لم يكد يستقر الحكم إلى أبي بكر حتّى جهد في ملاحقته وفرض الرقابة عليه ، حتّى اضطر إلى الهجرة من يثرب إلى أرض الشام فتبعه خالد بن الوليد مع صاحب له ، فكمنا له ليلاً وطعناه وألقياه في البئر ، وتحدّثوا أنّ الجن هي التي قتلته ، ورووا على لسانها شعراً تفتخر فيه بقتله وهو :