فأجابها النبي (صلّى الله عليه وآله) ـ وقد غامت عيناه بالدموع ـ :
«من ابني هذا».
وملكت الحيرة إهابها فلم تدرك معنى هذه الظاهرة ومغزاها ، فانطلقت تقول : إنه وُلد الساعة.
فأجابها الرسول بصوت متقطّع النبرات حزناً وأسى قائلاً :
«تقتله الفئة الباغية من بعدي ، لا أنالهم الله شفاعتي».
ثمّ نهض وهو مثقل بالهمّ ، وأسرَّ إلى أسماء قائلاً :
«لا تخبري فاطمة ؛ فإنها حديثة عهد بولادة» (١).
وانصرف النبي (صلّى الله عليه وآله) وهو غارق بالأسى والشجون ؛ فقد استشفّ من وراء الغيب ما سيجري على ولده من النكبات والخطوب التي تذهل كل كائن حي.
واستقبل سبط النبي (صلّى الله عليه وآله) دنيا الوجود في السنة الرابعة من الهجرة (٢)
__________________
(١) مسند الإمام زيد / ٤٦٨ ، وفي أمالي الصدوق / ١٢٠. وأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) أخذ الحسين بعد ولادته ، ثمّ دفعه إلى صفية بنت عبد المطلب وهو يبكي ويقول : لعن الله قوماً هم قاتلوك يا بُني». قالها ثلاثاً ، قالت : فداك أبي واُمّي! ومَن يقتله؟ قال : «تقتله الفئة الباغية من بني اُمية.
(٢) تاريخ ابن عساكر ١٤ / ٣١٣ ، تهذيب الأسماء ١ / ١٦٣ ، مقاتل الطالبيّين / ٧٨ ، خطط المقريزي ٢ / ٢٨٥ ، دائرة المعارف ـ للبستاني ٧ / ٤٨ ، جوهرة الكلام في مدح السّادة الأعلام / ١١٦ ،