لأنّا أهل البيت ، ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم. ما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، الدافع عنهم الاُمور السيّئة ، القاسم بينهم بالسّوية؟ والله إنه لفينا ، فلا تتبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحقِّ بُعداً» (١).
ولو أنهم استجابوا لنداء الإمام (عليه السّلام) الذي فيه ضمان أكيد لصالح الاُمّة ، وصيانة لها من الزيغ والانحراف في مجالاتها العقائدية وغيرها ، لجنّبوا الاُمّة كثيراً من المضاعفات السيّئة ، ولكن هيهات من ذلك! فقد انساب الإنسان منذ أقدم عصوره وراء شهواته وأطماعه مضحّياً بكل شيء في سبيل ذلك.
وعلى أيّ حال فإن القوم لم يعوا منطق الإمام وتجاهلوه ، وقدّموا مصالحهم الخاصة على كل شيء.
واقتضت سياسة أبي بكر أن يتخذ جميع الإجراءات الصارمة ضد الإمام (عليه السّلام) ، وأن يسلك جميع الوسائل التي من شأنها إضعاف جبهته والتغلب عليه ؛ لأنه يمثّل القوى المعارضة لحكومته ؛ فقد كانت الأكثرية الساحقة من الأنصار تميل للإمام ، وترغب في أن يتولّى زمام الحكم. وهذه بعض الوسائل التي سلكتها حكومة أبي بكر :
والحصار الاقتصادي من أوثق الطرق وأدقّها ، وأكثرها نجاحاً لشلّ
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١١ ـ ١٢.