«ما أصنع؟».
ـ تقتله.
ـ «أقتل مَن لا يخرج عليّ؟!».
ـ تجسّسه.
ـ «ليست له جناية ، خلّيا سبيل الرجل» (١).
ولم تمنح مثل هذه الحرية للمواطنين في جميع المذاهب الاجتماعية ، فلم يحاسب الإمام الناس على ما يقولون ، وإنما تركهم وشأنهم لهم حرية القول والفكر ، ولم يفرض عليهم رقابة تحول بينهم وبين حرّياتهم.
٢ ـ حرية النقد :
وكان من مظاهر الحرية السياسية التي منحها الإمام للناس هي حرية النقد للحكم ، وعدم التعرّض للناقدين بسوء أو مكروه ، يقول المؤرّخون : إنه كان يقرأ في صلاته وخلفه جماعة من أصحابه ، فقرأ أحدهم معارضاً لقراءته : (إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ). فردّ عليه الإمام معارضاً : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ) (١).
ولم يتخذ معه أيّ إجراء وإنما عفا عنه وخلى عن سبيله ، لقد كان يرى للناس الحق في الحرية الواسعة ، فلم يفرض على أحد أمراً ، ولم يستكره أحداً على الطاعة ، ولم يرغم الناس على ما لا يحبّون.
هذه بعض مظاهر الحرية التي أعطاها الإمام للناس في أيّام حكمه ، وقد حققت العدل الاجتماعي والعدل السياسي بين الناس.
وكان العدل الشامل هو الشعار الذي رفعه الإمام (عليه السّلام) عالياً ، وتبنّاه في جميع
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٣ / ٧٣.