ثابت ، وكعب بن مالك ، ومسلمة بن مخلد ، وأبي سعيد الخدري (١) ، وأمثالهم من أنصار الحكم المباد الذين كان يغدق عليهم عثمان بصلاته وهباته ، فلم يجبرهم الإمام (عليه السّلام) ، ولم يتخذ معهم أيّ إجراء حاسم كما اتخذه أبو بكر ضدّه حينما تخلّف عن بيعته.
كان الإمام يرى أنّ الناس أحرار ، ويجب على الدولة أن توفّر لهم حرّيتهم ما دام لم يخلّوا بالأمن ، ولم يعلنوا التمرّد والخروج على الحكم القائم ، وقد منح (عليه السّلام) الحرية للخوارج ولم يحرمهم عطاءهم ، مع العلم أنهم كانوا يشكّلون أقوى حزب معارض لحكومته ، فلمّا سعوا في الأرض فساداً ، وأذاعوا الذعر والخوف بين الناس انبرى إلى قتالهم ؛ حفظاً على النظام العام ، وحفظاً على سلامة المواطنين. ويتفرّع على هذه السياسة ما يلي :
١ ـ حرية القول :
ومن مظاهر الحرية الواسعة التي منحها الإمام للناس حرية القول ، وإن كان في غير صالح الدولة ما لم يتعقّبه فساد ، فالعقاب يكون عليه. فقد روى المؤرّخون : إنّ أبا خليفة الطائي لمّا رجع من النهروان التقى مع جماعة من إخوانه ، وكان فيهم أبو العيزار الطائي ، وكان من الخوارج ، فقال لعدي بن حاتم : يا أبا طريف ، أغانم سالم أم ظالم آثم؟
ـ بل غانم سالم.
ـ الحكم ذاك إليك.
وأوجس منه خيفة الأسود بن زيد والأسود بن قيس ، فألقيا القبض عليه وجاءا به مخفوراً إلى الإمام (عليه السّلام) ، ونقلا له حديثه المنطوي على الشرّ والتمرّد ، فقال (عليه السّلام) لهما :
__________________
(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ٢ / ٣٨٣.