وأصبح أقوامٌ يقولون ما اشتَهوا |
|
ويطغون لمّا غال زيداً غوائلُ (١) |
لقد تمّت البيعة لأبي بكر بهذه السرعة الخاطفة ، وقد أهمل فيها رأي العترة الطاهرة ولم يعن بها ، ومن ذلك اليوم واجهت جميع ألوان الرزايا والنكبات ، وما كارثة كربلاء وغيرها من المآسي التي حلّت بآل البيت (عليهم السّلام) إلاّ وهي متفرّعة من يوم السقيفة حسب ما نصّ عليه المحققون.
وابتهجت قريش حينما آل الحكم إلى أبي بكر واعتبرته فوزاً لها ، فقد تحققت آمالها وأحلامها ، وقد عبّر عن مدى سرورها أبو عبرة القرشي بقوله :
شكراً لمَنْ هو بالثناء حقيقُ |
|
ذهب اللجاجُ وبُويع الصدّيقُ |
من بعد ما زلّت بسعدٍ نعلَهُ |
|
ورجا رجاءً دونه العيّوقُ |
إنّ الخلافة في قريشٍ ما لكُمْ |
|
فيها وربِّ محمد معروقُ (٢) |
وفي هذا الشعر التنديد والهجاء للأنصار ، وإظهار السرور البالغ بحرمانهم من الخلافة.
ومَن أبدى سروره ببيعة أبي بكر عمرو بن العاص ، ولم يكن في يثرب آنذاك وإنما كان في سفر له ، فلمّا قَدِم وسمع ببيعة أبي بكر قال :
ألا قل لأوسٍ إذا جئتها |
|
وقل إذا ما جئتَ للخزرجِ |
تمنّيتم الملكَ في يثربٍ |
|
فاُنزلت القدرُ لم تنضجِ (٣) |
لقد عمّت الأفراح والمسرّات جميع القبائل القرشية ، ووقفت موقف التأييد لحكومة أبي بكر ، ولمّا بلغ أهل مكة موت النبي (صلّى الله عليه وآله) أرادوا أن
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٢ / ٥.
(٢) شرح نهج البلاغة ٦ / ٨ ، الموفقيات / ٨٠.
(٣) شرح نهج البلاغة.