أحقادها البالغة على حكومته ، وقد وصف ابن أبي الحديد مدى فزعهم واضطرابهم بقوله :
كأنها حاله لو أفضت الخلافة إليه يوم وفاة ابن عمّه من إظهار ما في النفوس ، وهيجان ما في القلوب حتّى الأحلاف من قريش ، والأحداث والفتيان الذين لم يشهدوا وقائعه وفتكاته في أسلافهم وآبائهم ، فعلوا ما لو كانت الأسلاف أحياء لقصرت عن فعله (١).
لقد راح الحسد ينهش قلوب القرشيّين ، والأحقاد تنخر ضمائرهم ، فاندفعوا إلى إعلان العصيان والتمرّد على حكومة الإمام ، وسنذكر لذلك عرضاً في البحوث الآتية.
وامتحن الإمام (عليه السّلام) امتحاناً عسيراً من الاُسر القرشية ، وقد عانى منها أشدّ ألوان المحن والخطوب في جميع أدوار حياته ، يقول (ع) : «لقد أخافتني قريش صغيراً ، وأنصبتني كبيراً ، حتّى قبض الله رسوله فكانت الطامة الكبرى ، والله المستعان على ما تصفون» (٢).
وتحدّث (عليه السّلام) في رسالته إلى أخيه عقيل عن إجماعهم على حربه ، كما أجمعوا على حرب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، يقول : «فدع عنك قريشاً في الضلال ، وتجوالهم في الشقاق ، وجماحهم في التيه ، فإنهم قد أجمعوا على حرب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قبلي ، فجزت قريشاً
__________________
(١) شرح نهج البلاغة.
(٢) شرح نهج البلاغة ٤ / ١٠٨.