ـ أما والله ، ليعورن بنو اُميّة الإسلام كما أعورت عينك هذه ، ثمّ ليعمينه حتّى لا يدري أين يذهب ولا أين يجيء (١).
فكان الأجدر به وهو على عتبة الموت ، أن يجنّب الاُمّة خطر الاُمويِّين ، ولا يجعل لهم أيّ نصيب في الحكم.
هذه بعض الروايات التي أثرت عنه في حديثه مع أعضاء الشورى.
لا أكاد أعرف نظاماً أوهى من نظام الشورى الذى وضعه عمر ، فليس فيه أيّ توازن أو أصالة ، فقد شذّ عن حقيقة الشورى التي يجب أن تمثّل رأي الاُمّة ، وتشترك القطاعات الشعبية في الانتخاب ، فقد فوّض في هذه الشورى الرأي إلى جماعة لا يمثّلون إلاّ آراءهم الخاصة.
لقد دعا عمر مَن رشّحهم فقال لهم : احضروا معكم من شيوخ الأنصار وليس لهم من أمركم شيء ، واحضروا معكم الحسن بن علي وعبد الله بن عباس ، فإن لهما قرابة ، وأرجو لكم البركة في حضورهما ، وليس لهما من أمركم شيء (٢).
لقد أقصى الأنصار ولم يجعل لهم أيّ نصيب في الانتخاب والاختيار ، وإنما جعل لهم الإشراف المجرّد الذي يعني حرمانهم والاستهانة بهم ، فإن الأمر إنما هو أمر أعضاء الشورى ولا يخصّ غيرهم ... ثمّ إنّا لم نعلم ما هي البركة التي تحصل لأعضاء الشورى بحضور الإمام الحسن وعبد الله بن عباس ، وهما لا يملكان من الأمر شيئاً؟
__________________
(١) نهج البلاغة ١٢ / ٨٢.
(٢) الإمامة والسياسة ١ / ٢٤.