ويحتفون به ، وكأنّ على رؤوسهم الطير ، يسمعون منه العلم الواسع والحديث الصادق (١). وكان مجلسه في جامع جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وله حلقة خاصّة به ، وسأل رجل من قريش معاوية أين يجد الحسين ، فقال له : إذا دخلت مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فرأيت حلقة فيها قوم كأنّ على رؤوسهم الطير فتلك حلقة أبي عبد الله (٢).
ويقول العلائلي : كان مجلسه مهوى الأفئدة ، ومتراوح الأملاك ، يشعر الجالس بين يديه أنه ليس في حضرة إنسان من عمل الدنيا ، وصنيعة الدنيا ، تمتدّ أسبابها برهبته وجلاله وروعته ، بل في حضرة طفاح بالسكينة ، كأنّ الملائكة تروح فيها وتغدو (٣).
لقد جذبت شخصية الإمام ، وسموّ مكانته الروحية قلوب المسلمين ومشاعرهم فراحوا يتهافتون على مجلسه ، ويستمعون لأحاديثه ، وهم في منتهى الإجلال والخضوع.
كان الإمام (عليه السّلام) من أعلام النهضة الفكرية والعلمية في عصره ، وقد ساهم مساهمة إيجابية في نشر العلوم الإسلامية ، وإشاعة المعارف والآداب بين الناس ، وقد انتهل من نمير علومه حشد كبير من الصحابة وأبنائهم وهم : ولده الإمام زين العابدين ، وبنته فاطمة (٤) وسكينة ، وحفيده
__________________
(١) الحقائق في الجوامع والفوارق / ١٠٥.
(٢) تاريخ ابن عساكر ٤ / ٢٢٢.
(٣) أشعة من حياة الحسين ٩٣.
(٤) الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الأوّل / ٥٥.