٢ ـ إنّ حكم عمر بأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سوف يرجع إلى الأرض ويقطع أيدي رجال وأرجلهم ممن أرجفوا بموته ، لا يخلو من وهن ، فإن تقطيع الأيدي والأرجل والحكم بالإعدام إنما يكون للذين يخرجون عن دين الله ، أو يسعون في الأرض فساداً ، وليس القول بموت النبي (صلّى الله عليه وآله) مما يوجب ذلك قطعاً.
٣ ـ إنّ أبا بكر أعلن في خطابه الذي نعى به النبي (صلّى الله عليه وآله) : مَن كان يعبد محمداً فإنّ محمداً قد مات ، ومَن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت. ومن المقطوع به أنه لم يؤثر عن أيّ أحد من المسلمين أنه كان يعبد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أو اتخذه ربّاً من دون الله ، وإنما أجمع المسلمون على أنه عبد الله ورسوله ، اختاره الله لوحيه واصطفاه لرسالته.
وحينما كان الأنصار في سقيفتهم يدبّرون أمرهم ويتداولون الرأي في شؤون الخلافة والبيعة ، إذ خرج من مؤتمرهم ـ وهم لا يشعرون ـ عويم بن ساعدة الأوسي ، ومعن بن عدي حليف الأنصار ، وكانا من أولياء أبي بكر على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومن أعضاء حزبه ، وكانت نفوسهما مترعة بالحقد والكراهية لسعد ، وانطلقا مسرعين وأخبرا أبا بكر وعمر بذلك ، ففزعا وانطلقا مسرعين ومعهما أبو عبيدة بن الجراح (١) ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وتبعهم جماعة آخرون من المهاجرين ، فكبسوا الأنصار في ندوتهم ، وأسقط ما بأيدي الأنصار وذهلوا ، وغاض لون سعد ، وتخوّف من خروج الأمر عنهم ؛ وذلك لعلمه بضعف الأنصار وتفلل قواهم وتصدّع وحدتهم ، فهو قد أحاط مؤتمرهم بكثير من السرّ والكتمان ؛ خوفاً من
__________________
(١) تاريخ الطبري ٣ / ٦٢.