الجواد الكريم ، الرؤوف الرحيم. اللّهمّ أوسع عليّ من رزقك الحلال ، وعافني في بدني وديني ، وآمن خوفي ، واعتق رقبتي من النار. اللّهمّ لا تمكر بي ، ولا تستدرجني (١) ولا تخدعني ، وادرأ عنّي شرّ فسقة الجن والإنس».
ثمّ رفع بصره إلى السماء وقال برفيع صوته : «يا أسمع السامعين ، يا أبصر الناظرين ويا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، صلّ على محمد وآل محمد السادة الميامين (٢) وأسألك اللّهمّ حاجتي التي إن أعطيتنيها لم يضرنّي ما منعتني ، وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني ، أسألك فكاك رقبتي من النار ، لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك ، لك الملك ولك الحمد ، وأنت على كل شيء قدير يا رب يا رب».
وأثّر هذا الدعاء تأثيراً عظيما في نفوس مَن كان مع الإمام ، فاتّجهوا بقلوبهم وعواطفهم نحوه يستمعون دعاءه ، وعلت أصواتهم بالبكاء معه ، وذهلوا عن الدعاء لأنفسهم في ذلك المكان الذي يستحب فيه الدعاء ، ويقول الرواة : إنّ الإمام استمرّ يدعو حتّى غربت الشمس ، فأفاض إلى (المزدلفة) وفاض الناس معه (٣).
ومنح الله الإمام الحسين أعنة الحكمة ، وفصل الخطاب فكانت تتدفّق
__________________
(١) الاستدراج من الله للعبد أن يفعل شيئاً بالنسبة إلى العبد حتّى لا يوفّق أن يتوب ويرجع إلى خالقه.
(٢) الميامين جمع ميمون : ذو اليمين والبركة.
(٣) زاد المعاد للمجلسي ، البلد الأمين للكفعمي ، بلاغة الإمام الحسين (عليه السّلام) ، الإقبال لابن طاووس وفيه زيادة على هذا الدعاء.