الإمرة والسلطان ، فدفعوا بالقطاعات الشعبية إلى الحروب الطاحنة ؛ تحقيقاً لأهدافهم ومطامعهم ، حتّى شاع الثكل والحداد في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
يقول الاستاذ محمد سيّد الكيلاني : لقد تنازع القوم على منصب الخلافة تنازعاً قلّ أن نجد له مثيلاً في الاُمم الاُخرى ، وارتكبوا في سبيل ذلك ما نتعفّف نحن عن ارتكابه الآن ، فترتّب على ذلك أن أزهقت أرواح ودمّرت مدن ، وهدّمت قرى وأحرقت دور ، وترمّلت نساء وتيتّمت أطفال ، وهلك من المسلمين خلق كثير (١).
ومن الطبيعي أنّ ذلك الدمار الذي حلّ بالمسلمين كان نتيجة حتمية لانحراف الخلافة عن مجراها الأصيل ، الذي أراده الله لها من جعلها في العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم.
وعلى أيّ حال فإنّي أحاول بكل جهد في هذه البحوث أن اتّجه صوب الحقّ ، واُصوّر الأحداث التي رافقت بيعة الشيخين ، اُصوّر ذلك بدقّة وتجرّد ، شأن الباحث الذي يهمّه الوصول إلى الواقع مهما استطاع إليه سبيلاً.
لا أرى هناك حادثة أخطر على الاُمّة من مؤتمر السقيفة الذي عقده الأنصار للاستيلاء على الحكم ، والاستبداد بشؤون الدولة ، فقد كان الحجر الأساس لتدهور الاُمّة وما عانته من الكوارث والخطوب ، فقد انبثّت فيها الأطماع ، وسادت فيها الأهواء يقول بولس سلامة :
__________________
(١) أثر التشيّع في الأدب العربي / ١٥.