من العناصر الرئيسة التي يجب أن يتحلّى بها مَن يتقلّد زمام الحكم ويلي أمور المسلمين.
هذه بعض خصائص الإمام (عليه السّلام) فكيف لا يرشحه النبي (صلّى الله عليه وآله) ولا ينتخبه لمنصب الخلافة؟! على أنّا لو التزمنا بمبدأ الوراثة الذي احتجّ به المهاجرون على الأنصار لكان الإمام أولى من غيره بمقام النبي (صلّى الله عليه وآله) ؛ فهو ابن عمّه ، وختنه على ابنته ، وأبو سبطيه.
يقول (سيديو) : لو كان قد تمّ الاعتراف بمبدأ الوراثة ـ وهو في صالح علي منذ البداية ـ لكان بوسع ذلك أن يمنع المنازعات النكباء التي أغرقت الإسلام في الدم ؛ كان زوج فاطمة ، يضمّ في شخصه حقّ الوراثة كوارث شرعي للرسول ، كما يضمّ الحقّ بالانتخاب (١).
إنّ التأمّل الدقيق الذي لا يخضع لعوامل العاطفة والتقليد يقضي بأن النبي (صلّى الله عليه وآله) قد عيّن مَن ينوب عنه في إدارة شؤون الخلافة ، ولم يهمل هذه الجهة المصيرية لاُمّته ، وإنه قد نصّ على الإمام أمير المؤمنين لا لقاعدة الوراثة وغيرها من الاعتبارات العاطفية ، وإنّما لتوفّر الصفات القيادية في شخصيته.
وإنّ من أوهى الأقوال وأكثرها بُعداً عن منطق الدليل القول : بأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قد أهمل أمر الخلافة ، ولم يعرض لها بشيء ، وإنّما ترك أمرها للمسلمين ، وجعل لهم الحرية في اختيار مَن شاؤوا ، فإنّ ذلك ـ حسب ما يقوله علماء الشيعة : تدمير للبناء الاجتماعي الذي أقامه الإسلام ، وإلقاء للاُمّة في الفتن والأزمات ، وفعلاً قد تحقّق ذلك على مسرح الحياة الإسلامية حينما عمدت الاُمّة إلى إلغاء النصوص الواردة من النبي في حقّ الإمام (عليه السّلام) ، فقد واجهت هزّات عنيفة ، وعصفت بها الفتن والأهواء ، فقد سادت الأطماع السياسية عند الكثيرين من قادة المسلمين ، وتهالكوا على
__________________
(١) روح الإسلام / ٢٩٢.