ذلك فقد كان واجب العدل يقضي بأن تكون الخلافة لعلي بن أبي طالب ما دامت القرابة اتخذت سنداً لحيازة ميراث الرسول. لقد كان العباس أقرب الناس إلى النبي وكان أحقّ الناس بالخلافة ولكنه تنازل بحقّه هذا لعلي ، فمن هنا صار لعلي الحقّ وحده في هذا المنصب (١).
وانبرى الحباب فردّ على عمر قائلاً : يا معشر الأنصار ، املكوا عليكم أمركم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه ؛ فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر ، فإن أبَوا عليكم ما سألتموه فاجلوهم عن هذه البلاد ، وتولّوا عليهم هذه الاُمور فأنتم ـ والله ـ أحقّ بهذا الأمر منهم ؛ فإنه بأسيافكم دان الناس لهذا الدين مَن دان ممن لم يكن يدين. أنا جذيلها المحكّك ، وعذيقها المرجّب ، أنا شبل في عرينة الأسد ، والله لو شئتم لنعيدنها جذعة ، والله لا يردّ أحد عليّ ما أقول إلاّ حطّمت أنفه بالسيف.
وحفل هذا الكلام بالعنف والتهديد والدعوة إلى الحرب ، وإجلاء المهاجرين عن يثرب ، كما عنى بالاعتزاز بنفسه ، والافتخار بشجاعته ، وقد ردّ عليه عمر وصاح به قائلاً : إذاً يقتلك الله.
فقال له الحباب : بل إيّاك يقتل. وخاف أبو بكر من تطور الأحداث فالتفت إلى الأنصار فرشّح للخلافة صاحبيه عمر وأبا عبيدة ، فأسرع إليه عمر فأجابه بلباقة قائلاً : يكون هذا وأنت حي؟ ما كان أحد ليؤخّرك عن مقامك الذي أقامك فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
ويقول بعض المحققين : لا نعلم أنه متى أقامه رسول الله (ص)
__________________
(١) أثر التشيّع في الأدب العربي / ٥.