واحتجاجه عليهم ؛ طوّقهم ومكّنهم وجعل لهم السبيل إلى أخذ ما إليه دعاهم ، وترك ما نهاهم عنه. جعلهم مستطيعين لأخذ ما أمرهم به من شيء غير آخذ به ، ولترك ما نهاهم عنه من شيء غير تاركيه ، والحمد لله الذي جعل عباده أقوياء لِما أمرهم به ينالون بتلك القوة ، وما نهاهم عنه ، وجعل العذر لمَن لم يجعل له السبيل حمداً متقبّلاً ، فأنا على ذلك أذهب ، وبه أقول أنا وأصحابي أيضاً عليه وله الحمد» (١).
وقد عرض هذا الكلام الشريف إلى بحوث كلامية مهمة ، والتعرّض لها يستدعي الإطالة والخروج عن الموضوع.
كتب إليه جماعة يسألونه عن معنى الصمد في قوله تعالى : (الله الصمد). فكتب (عليه السّلام) لهم بعد البسملة : «أمّا بعد ، فلا تخوضوا في القرآن ، ولا تجادلوا فيه ، ولا تتكلّموا فيه بغير علم ، فقد سمعت جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : مَن قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار. وأنّ الله سبحانه قد فسّر الصمد فقال (اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ) ، ثمّ فسّره فقال : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).
(لَمْ يَلِدْ) : لم يخرج منه شيء كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ، ولا شيء لطيف كالنفس ، ولا يتشعّب منه البدوات كالسِّنة والنوم ، والخطرة والهمّ ، والحزن والبهجة ، والضحك والبكاء ، والخوف والرجاء ، والرغبة والسأمة ، والجوع والشبع ، تعالى عن أن يخرج منه شيء ، وأن يتولّد منه شيء كثيف أو لطيف. (وَلَمْ يُولَدْ) :
__________________
(١) فقه الرضا / ٥٥ ، بحار الأنوار ٥ / ١٢٣.