لم يتولّد منه شيء ، ولم يخرج منه شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها ، والدابة من الدابة ، والنبات من الأرض ، والماء من الينابيع ، والثمار من الأشجار ، ولا كما يخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها ؛ كالبصر من العين ، والسمع من الاُذن ، والشمّ من الأنف ، والذوق من الفم ، والكلام من اللسان ، والمعرفة والتمييز من القلب ، وكالنار من الحجر ، لا بل هو الله الصمد الذي لا شيء ، ولا في شيء ، ولا على شيء ؛ مبدع الأشياء وخالقها ، ومنشئ الأشياء بقدرته ، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيئته ، ويبقى ما خلق للبناء بعلمه ، فذلكم الله الصمد الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ» (١).
وعرض الإمام الحسين (عليه السّلام) في كثير من كلامه إلى توحيد الله فبيّن حقيقته وجوهره ، وفنّد شُبه الملحدين وأوهامهم. ونعرض فيما يلي لبعض ما اُثر عنه :
١ ـ قال (عليه السّلام) : «أيّها الناس ، اتّقوا هؤلاء المارقة الذين يشبّهون الله بأنفسهم ، يضاهون قول الذين كفروا من أهل الكتاب ، بل هو الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، لا تدركه الأبصار ، وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير.
استخلص الوحدانية والجبروت ، وأمضى المشيئة والإرادة والقدرة والعلم بما هو كائن ، لا منازع له في شيء من أمره ، ولا كفو له يعادله ، ولا ضدّ له ينازعه ، ولا سميّ له يشابهه ، ولا مثل له يشاركه ، لا تتداوله الاُمور ، ولا تجري عليه الأحوال ، ولا تنزل عليه
__________________
(١) معادن الحكمة في مكاتيب الأئمة ٢ / ٤٨ ـ ٤٩.