الذي كان يجسر على عمر أن يقول له ما دون هذا ، فكيف هذا؟!
واتّجه صوب سعد بن أبي وقاص فقال له : إنّما أنت صاحب مقنب (١) من هذه المقانب تقاتل به ، وصاحب قنص وقوس وسهم ، وما زهرة والخلافة واُمور الناس؟!
إنّ سعد رجل عسكري لا يفقه إلاّ عمليات الحروب ، ولا خبرة له بالشؤون الإدارية والاجتماعية للاُمّة ، فكيف يرشّحه للخلافة؟ كما طعن في صلاحية قبيلة سعد لتولّي شؤون الحكم.
وأقبل على عبد الرحمان بن عوف فقال له : أمّا أنت يا عبد الرحمان فلو وزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك لرجح إيمانك عليهم ، ولكن ليس يصلح هذا الأمر لمَن فيه ضعف كضعفك ، وما زهرة وهذا الأمر؟!
وعبد الرحمان ـ حسب رأي عمر ـ رجل إيمان وتقوى ، ولا نعلم أين كان إيمانه حينما عدل عن انتخاب سيّد العترة الطاهرة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وسلّم أمور المسلمين بأيدي الاُمويِّين ، فاتخذوا مال الله دولاً وعباد الله خولاً ، ثمّ إنه لم تكن له شخصية قوية ، ولا عزم ثابت ، ولا إرادة صلبة ـ حسب اعتراف عمر ـ فكيف يرشّحه للخلافة؟! كيف يجعل قوله منطق الفصل في تعيين مَن يشاء لشؤون الاُمّة؟!
والتفت إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال له : لله أنت لولا دعابة فيك! أما والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحقّ الواضح والمحجّة البيضاء.
متى كانت للإمام الدعابة وهو الذي ما ألف في حياته إلاّ الجدّ والحزم في القول والعمل؟! ثمّ إنّ مَن يتّصف بهذه النزعة كيف يتمكن أن يحمل
__________________
(١) المقنب : جماعة الخيل.