«أما والله إنّي لأعلم ذلك ، ولكن أين برهانه لو أخبرتك به ، ولقد أخبرتك بقيامك ومقالك ، وقيل لي : إنّ على كل شعرة من شعر رأسك ملكاً يلعنك ، وشيطاناً يستفزّك ، وآية ذلك أنّ في بيتك سخلاً يقتل ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ويحضّ على قتله».
يقول ابن أبي الحديد : فكان الأمر بموجب ما أخبر به (عليه السّلام) ، كان ابنه حصين ـ بالصاد المهملة ـ يومئذ طفلاً صغيراً يرضع اللبن ، ثمّ عاش إلى أن صار على شرطة عبيد الله بن زياد ، وأخرجه عبيد الله إلى عمر بن سعد يأمره بمناجزة الحسين ويتوعّده على لسانه إن أرجأ ذلك ، فقتل (عليه السّلام) صبيحة اليوم الذي ورد فيه الحصين بالرسالة في ليلته (١).
١٠ ـ قال (عليه السّلام) للبراء بن عازب : «يا براء ، أيقتل الحسين وأنت حيّ فلا تنصره؟!».
فقال البراء : لا كان ذلك يا أمير المؤمنين. ولمّا قُتل الحسين (عليه السّلام) ندم البراء وتذكّر مقالة الإمام أمير المؤمنين ، فكان يقول : أعظم بها حسرة إذ لم أشهده واُقتل دونه (٢).
١١ ـ قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : «كأنّي بالقصور وقد شيّدت حول قبر الحسين ، وكأنّي بالأسواق وقد حفّت حول قبره ، ولا تذهب الأيّام والليالي حتّى يسار إليه من الآفاق ، وذلك بعد انقطاع بني مروان» (٣).
وتحقق ما أخبر به الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، الذي هو باب مدينة علم النبي (صلّى الله عليه وآله) ومستودع أسراره وحكمته ؛ فإنه لم تكد تنقرض الدولة الاُموية حتّى ظهر مرقد ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأصبح حرم الله الأكبر الذي تهفو إليه قلوب المؤمنين ، وتتلهّف على زيارته ملايين المسلمين ، وتشدّ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٠ / ١٤.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٠ / ١٥.
(٣) مسند الإمام زيد / ٤٧.