الحديث في العصور الأُولى ، وتعدّ من أسباب الطعن على الثقة ، ولذلك أخرج زعيم القمّيّين أحمدُ بن محمد بن عيسى ( المتوفّى حوالي ٢٨٠ هـ ) معاصرَه أحمد بن محمد بن خالد البرقي ( المتوفـّى عام ٢٧٤ هـ ) عن قم ، لكثرة نقله عن الضعفاء.
قال العلاّمة في ترجمة البرقي : إنّه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل.
وقال ابن الغضائري : طعن عليه القمّيون وليس الطعن فيه ، إنّما الطعن فيمن يروي عنه ، فإنّه كان لا يبالي عمّن أخذ على طريقة الأخبار ، وكان أحمد بن محمد بن عيسى أبعده من قم ثمّ أعاده واعتذر إليه. (١)
إذا اتّضح هذان الأمران فاعلم :
إنّ نقل الثقة عن غيره إذا كان قليلاً يدخل في الأمر الأوّل ولا يدلّ على وثاقة المروي عنه وقلنا انّ الثقة يروي عن غيره أحياناً ; وأمّا إذا أكثر النقل عنه ، فلو كان المروي عنه ضعيفاً يدخل في الأمر الثاني ويعدّ طعناً في الراوي ، ويُسجِّل التاريخ ذلك في حقّه ، فإذا أكثر النقل ولم يتعرّض له التاريخ بطعن ، نستكشف عن أنّ المروي عنه ثقة.
أضف إلى ذلك انّه لو لم يكن المروي عنه ثقة لعاد النقل الكثير أمراً لغواً ، وهذا بخلاف قلّة النقل فإنّها لا تكون كذلك لما عرفت من أنّ للنقل أهدافاً أُخرى غير الاحتجاج وهو دعم سائر الروايات والنقول المتّحدة معها في المضمون ، وهذه الفائدة منتفية فيما لو أكثر النقل عن شخص.
__________________
١. الخلاصة ، القسم الأوّل : ١٤ ، رقم ٧.