وتطرّق التحريف إلى أُصوله وفروعه ، حتى الكتاب الذي كتب فيه كلّ صغير وكبير.
وبكلمة مختصرة : لم تقم للإسلام دعامة ، ولا حُفِظَ كيانُه ونظامُه إلاّ على هذا النوع من البحوث العلمية ، والنقاشات والسجالات الدائرة بين العلماء.
فإذا كان هذا هو دور الاجتهاد ونتائجه البنّاءة ، فلا غرو من أن تكون للعلوم التي تتوقّف عليه لا سيّما علم الرجال من الأهمية بمكان.
وقد ذكر الفقهاء في مباحث الاجتهاد والتقليد أنّ علم الرجال ويليه علم الدراية من مقوّمات الاجتهاد ومؤهّلاته ، إذ به يعرف ما يحتج به من السّنّة عمّا لا يحتج ، وما يصحّ أن يقع ذريعة للاستنباط وما لا يصلح.
فإذا كان كذلك فيجب على بُغاة الفقه ، الإلمام بهذا العلم وبقواعده وكلّيّاته ، وجزئيّاته ومسائله.
ولما كان البحث عن مسائله وجزئيّاته بحثاً صغروياً ، لم نجد من اللازم عقدَ دروس لها وإلقاء المحاضرات فيها ، لكثرتها أوّلاً ، وغنى الطالب عنها من خلال الاستعانة بالكتب المعدّة لبيان أحوال تلك الصغريات ثانياً.
نعم ثمّة نمط آخر من البحث ، وهو البحث عن ضوابط كلية وقواعد عامّة ينتفع بها المستنبط في استنباطه ، وتوجب بصيرة وافرة له ممّا حدا بعلماء الرجال إلى طرح هذه البحوث في كتبهم.
هذا وقد صنّفت في سالف الزمان كتاباً مبسوطاً في القواعد الرجالية أسميته بـ « كليات في علم الرجال » وقد طبع وانتشر وصار محوراً للدراسة في الحوزة العلمية.
ثمّ أعقبته بتصنيف كتاب آخر في علم الدراية ، وهو « أُصول الحديث