سمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول : سمعت أبي يقول : سمعت محمّد بن عبد الله الصيرفي يقول : سمعت نصر بن أبي نصير العطّار يقول : سمعت علي بن محمّد المصري يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : دخلت البادية مرة بغير زاد فأصابتني فاقة ، فرأيت المرحلة من بعيد ، فسررت بأن وصلت ، ثم أفكرت في نفسي أني سكنت ، واتّكلت على غيره ، فآليت أن لا أدخل المرحلة إلّا أن أحمل إليها. فحفرت لنفسي في الرّمل حفيرة وواريت (١) جسدي فيها إلى صدري ، فسمعوا صوتا في نصف اللّيل عاليا : يا أهل المرحلة إن لله وليا حبس نفسه في هذا الرّمل بالحفرة ، فجاء جماعة فأخرجوني وحملوني إلى القرية.
أخبرنا أبو سعد عبد الله بن أحمد بن محمّد بن حيّان النسوي ، أنا أبو بكر بن خلف ، أنا (٢) أبو عبد الرّحمن السّلمي قال : سمعت علي بن سعيد الثغري (٢) قال : سمعت أبا العبّاس الطّحّان يقول : قال أبو سعيد الخرّاز : المحبّ يتعلل إلى محبوبه بكل شيء ، ولا يسل (٣) عن شيء ، ويتبع آثاره ولا يدع استخباره وأنشدنا :
أسائلكم عنها فهل من مخبر؟ |
|
فما لي بنعمى (٤) بعد مكثنا علم |
فلو كنت أدري أين خيّم أهلها |
|
وأيّ بلاد الله إذ ظعنوا أمّوا |
إذا لسلكنا مسلك الريح خلفها |
|
ولو أصبحت نعمى (٥) ومن دونها النجم |
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي قال : قال رويم : حضرت وفاة أبي (٦) سعيد الخرّاز وهو يقول في آخر نفسه :
حنين قلوب العارفين إلى الذكر |
|
وتذكارهم وقت المناجاة للسرّ |
أديرت كئوس للمنايا عليهم |
|
فأغفوا عن الدنيا كإغفاء ذي السكر |
__________________
(١) بالأصل «واريت».
(٢) ما بين الرقمين في حلية الأولياء ١٠ / ٢٤٨ سمعت محمد بن الحسين يقول سمعت علي بن عبد الله يقول : سمعت أبا العباس الصمان ...
(٣) في الحلية : ولا يتسلى عنه بشيء.
(٤) في الحلية : فما لي بنعم مذ نأت دارها علم
(٥) في الحلية : نعم.
(٦) بالأصل : «أبا». والصواب عن م.