لم تصرفه كما لم تصرف المذكر إذا سميته بعناق ونحوها» (١) فاسم الأرض إذا كان جائز التذكير والتأنيث فإنه يجوز فيه الصرف والمنع تبعا للمعنى المقصود ما لم ترجح العجمة جانب المنع فتؤكده ، يقول الزجاج : «اعلم أنك إذا سميت أرضا باسم على ثلاثة أحرف أوسطها ساكن وكان ذلك الاسم مؤنثا أو اسما الغالب عليه التأنيث ، فالاختيار ترك الصرف ، وإن شئت صرفت على مذهب البصريين» (٢). ويقول بعد ذلك إن ترك الصرف مذهبي الذي أسير عليه ، وضرب أمثلة لهذا «وذلك الاسم نحو «قدر وشمس وعنز» لو سميت بشيء من هذه الأسماء لم تصرفها» (٣) ومن شواهد سيبويه على منع صرف «هجر» ما جاء من قول بعضهم «كجالب التمر إلى هجر» فأنّث ولم يصرف وفتح في موضع الجر» (٤).
وقد تطرق ابن السراج إلى هذه النقطة مبينا أن منع الاسم من الصرف على أساس تفسيره بالبقعة وما شابه ذلك من الصفات المؤنثة ، وأما صرفه فعلى البلد أو المكان أو أي معنى مذكر آخر قريب من المقصود ، «واعلم أن أسماء البلدان والمواضع ما جاء منها لا ينصرف فإنما يراد به البلد والمكان ووقع هذا في المواضع ؛ لأن تأنيثه ليس بحقيقي ، وإنما المؤنث في الحقيقة هو الذي له فرج من الحيوان فمن ذلك : «واسط» وهو اسم قصر ، و «دابق» وهو نهر ، و «هجر» ذكر ، و «منى» ذكر ، و «الشام» ذكر ، و «العراق» ذكر» (٥) ولم ينس جانب العجمة وتأثيرها في رجحان كفة
__________________
(١) سيبويه ١ / ٢٣.
(٢) ما ينصرف ٥٢.
(٣) نفس المصدر ٥٢.
(٤) ما ينصرف ص ٥٣.
(٥) الأصول لابن السراج ٢ / ٩٩ ـ ١٠٠.