بعضهم إلى العدل عن آخر ، وبعضهم ذهب إلى العدل عن الألف واللام ، ثم رأينا الخلافات القائمة حول هذا الموضوع جاءت نتيجة قول النحاة بمسألة الوصفية والتفضيل ، وكيف أنهم أتوا بكل تلك التعليلات حتى يسايروا القاعدة ويجعلوها مطردة والحقيقة أننا لو أبعدنا مسألة التفضيل ، واكتفينا بالسماع لكانت المسألة أسهل من هذه التعقيدات.
وهناك مسألتان تتعلقان «بأخر» :
١) مسألة تسمية رجل به ، هل يبقى على حاله ممنوعا من الصرف؟ أم أنه يصرف نظرا للحالة الطارئة؟
والواقع أن هذه المسألة كغيرها لم تسلم من الخلاف بين العلماء فمنهم من ذهب إلى بقائه ممنوعا من الصرف ، ويرى أن العلمية قد حلت محل الوصفية فمنعه من الصرف بالاشتراك مع العدل.
ومنهم من ذهب إلى صرفه لأنه يرى أن العدل يزول بزوال الوصفية ولكل دليل وحجة.
فيذهب سيبويه مثلا إلى أن «أخر» يبقى على عدله كما حكى عنه المبرد (١) وأنه يتغير بالتصغير لا بالتسمية فهو يقول : فإن حقّرت «أخر» اسم رجل صرفته ، لأن فعيلا لا يكون بناء لمحدود عن وجهه فلما حقرت غيرت البناء الذي جاء محدودا عن وجهه» (٢) ويفهم من هذا أن التسمية لا تزيل العدل بل التصغير يزيله ، وعليه «فأخر» يبقى على منعه عند التسمية به إذ تحل العلمية محل الوصفية.
__________________
(١) المقتضب ٣ / ٣٧٧.
(٢) سيبويه ٢ / ١٤ ـ ١٥.