وقال الأخفش : «الجمع الذي لا ينصرف إذا سميت به إن نكرته بعد ذلك لم تصرفه أيضا» (١).
فالأخفش لا يصرفه بعد التنكير كما أورده ابن السراج ، بينما نرى أن السيوطي يقول رأيا آخر بالنسبة لهذا العالم : «الجمع المتناهي إذا سمي به ثم نكر ذهب الأخفش أيضا إلى صرفه وخالفه الجمهور» (٢).
فأي الرأيين أصح؟ ولكن قد يزول هذا الاستفهام حين نرى ما جاء في حاشية الصبان على الأشموني إذ يقول : «قال المرادي : قلنا : مذهب سيبويه أنه لا ينصرف بعد التنكير لشبهه بأصله ، ومذهب المبرد صرفه لذهاب الجمعية ، وعن الأخفش القولان والصحيح قول سيبويه لأنهم منعوا سراويل من الصرف وهو نكرة وليس جمعا على الصحيح» (٣).
ولو رجعنا إلى المبرد في المقتضب لرأينا أنه قد بيّن أن الأخفش قد ذهب إلى صرفه بعد التنكير وقد أيّده في ذلك وبيان أنه هو القياس إذ يقول : «إلا أن أبا الحسن الأخفش فإنه كان إذا سمى بشيء من هذا رجلا أو امرأة صرفه في النكرة ، فهذا عندي هو القياس ، وكان يقول إذا منعه من الصرف أنه مثال لا يقع عليه الواحد فلما نقلته فسميت به الواحد خرج من ذلك المانع. وكان يقول : الدليل على ذلك ما يقول النحويون في مدائني وبابه أنه مصروف في المعرفة والنكرة ، وصياقلة أنه مصروف فى النكرة ممتنع بالهاء من الصرف في المعرفة ، لأنهما قد خرجا إلى مثال الواحد (٤). فسيبويه يذهب إلى المنع حتى بعد التنكير
__________________
(١) الأصول ٢ / ٨٩.
(٢) الهمع ١ / ٣٦.
(٣) الصبان ٣ / ٢٤٩.
(٤) المقتضب ٣ / ٣٤٥.