بلوازمه ، وربّ مفضول في علمه وعمله هو بالزعامة أعرف ، وبشرائطها أقوم ، وفصّل قوم فقالوا : نصب الأفضل إن أثار فتنة لم يجب وإلاّ وجب. وقال الشريف الجرجاني : كما إذا فرض أنّ العسكروالرعاية لاينقادون للفاضل بل للمفضول شرح المواقف (١)(٣ / ٢٧٩).
قال الأميني : إنّا لا نريد بالأفضل إلاّ الجامع لجميع صفات الكمال التي يمكن اجتماعها في البشر لا الأفضليّة في صفة دون أُخرى ، فيكون حينئذٍ الأفقه مثلاً هو الأبصر بشؤون السياسة ، والأعرف بمصالح الأمور ومفاسدها ، والأثبت في إدارة الصالح العامّ ، والأبسل في مواقف الحروب ، والأقضى في المحاكمات ، والأخشن في ذات الله ، والأرأف بضعفاء الأمّة ، والأسمح على محاويج الملأ الديني ، إلى أمثالها من الشرائط والأوصاف ، إذن فلا تصوير لما حسبوه من أنّ المفضول قد يكون أقدر وأعرف وأقوم.
وعلى المولى سبحانه أن لا يخلي الوقت عن إنسان هو كما قلناه ، بعد أن أثبتنا أنّ تقييضه من اللطف الواجب عليه سبحانه ، وهو عديل القرآن الكريم ، ولا يفترقا حتى يردا على النبيّ الحوض.
وأمّا من لا ينقاد له من الجيش وغيره فهو كمن لا ينقاد لصاحب الرسالة ، لا يزحزح بذلك صاحب الأمر عمّا قيّضه الله له من الولاية الكبرى ، بل يجب على بقيّة الأمّة إخضاعهم كما أخضعوا أهل الردّة أو من حسبوه منهم ، وأن يفوّقوا إليه سهم الجنّ كما فوّقوه إلى سعد بن عبادة أمير الخزرج.
ولم تكن للخليفة مندوحة عن رأيه في تقديم المفضول ، وما كان إلاّ تصحيحاً لخلافة نفسه ، ولتقدّمه على من قدّسه المولى سبحانه في كتابه العزيز ، ورآه نفس النبيّ
__________________
(١) شرح المواقف : ٨ / ٣٧٣.