ستة أشهر؟ كما مرّ في الجزء السادس (ص ٩٣ ـ ٩٥) ، فالآية الكريمة لا تبيّن إلاّ ما هو السائر الدائر بين البشر بأحد الوجهين المذكورين وبهذا يتمّ الاستدلال. وفيه قال ابن كثير في تفسيره (٤ / ١٥٧) : وهو استنباط قويّ صحيح ووافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة. وابن كثير مع إكثاره بنقل الموضوعات لم يوعز إلى نزول الآية في أبي بكر لما يرى في نقله من الفضيحة على نفسه.
ثمّ إنّ في نصّ الآية أنّ ذلك الانسان قال ما قاله وقد بلغ أشدّه وبلغ من عمره أربعين عاما. وأبو بكر لم يكن مسلماً يوم ذاك لا هو ولا أبوه ولا أُمّه ، أمّا هو فقد قدّمنا أنّه أسلم بعد سبع من البعثة بنصوص مرّت في الجزء الثالث (ص ٢٢٠ ـ ٢٢٣).
وأمّا أبوه فقد أسلم ـ إن أسلم ـ يوم الفتح في السنة الثامنة من الهجرة ، وكان لأبي بكر يومئذ ستّ وخمسون سنة أو أكثر.
وأمّا أُمّه فقد أسلمت ـ إن أسلمت ـ في السنة السادسة من البعثة ، وأبو بكر يوم ذاك ابن أربع وأربعين سنة أو أكثر منها.
فبما ذا أنعم الله عليه وعلى والديه يوم قال : ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ ، وكلّهم غير مسلمين؟ والجملة دُعائيّة بالنسبة إلى إلهام الشكر على ما أنعم الله به عليه وعلى والديه فحسب ، وأمّا بالنسبة إلى كونهم من المنعم عليهم فخبريّة تقتضي سبق تلك النعمة على ظرف الدعاء ، فالقول بأنّ الله سبحانه استجاب له فأسلم والداه وأولاده كلّهم ، مهزأة غير مدعومة بشاهد.
على أنّ أخبار إسلام والديه ـ بعد تسليمها والغضّ عمّا فيها ـ تدلّ على أنّ إسلام أُمّه كان بدعاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لها بالإسلام ، وإسلام أبيه من بركة مسحه صلىاللهعليهوآلهوسلم يده على صدره ، فأين دعاء أبي بكر؟.
وأمّا ما في ذيل الرواية ممّا عزي إلى أمير المؤمنين عليهالسلام من أنّه لم يجتمع لأحد