وفي الآية الثّالثة من الآيات محل البحث تشبيه طريف لسعي اليهود والنصارى ، أو سعي جميع مخالفي الإسلام حتى المشركين ، وجدّهم واجتهادهم المستمر «العقيم» الذي لا يعود عليهم بالنفع أبدا ، إذ تقول الآية : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
* * *
ملاحظات
١ ـ شبّه الدين ـ دين الله ـ في هذه الآية وفي القرآن وتعاليم الإسلام بالنور ، ونحن نعرف أن النّور أساس الحياة والحركة والنمو والعمران على الأرض ومنشأ كل جمال.
والإسلام دين يحرّك كل مجتمع إنساني نحو التكامل ، وهو أساس كل خير وبركة.
كما شبّه اجتهاد الكافر بالنفخ بالأفواه وكم هو مثير للضحك أن يحاول الإنسان إطفاء نور عظيم كنور الشمس
بنفخة؟ ولا تعبير أبلغ من تعبير القرآن لتجسيد هذه المحاولات اليائسة ، وفي الواقع فإنّ محاولات مخلوق ضعيف إزاء قدرة الله التي لا نهاية لها ، لا تكون أحسن حالا ممّا ذكرته الآية.
٢ ـ ورد موضوع محاولة إطفاء نور الله في القرآن في موردين : أحدهما في الآية محل البحث ، والآخر في الآية (٨) من سورة الصف ، وفي الآيتين انتقاد للكفار ومحاولات أعداء الله اليائسة ، إلّا أن بين تعبيري الآيتين تفاوتا يسيرا ، إذ جاء التعبير في الآية محل البحث (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا) إلّا أن الآية (٨) من سورة الصف جاء فيها التعبير (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا).
وممّا لا شك فيه أن هذا التفاوت أو الاختلاف اليسير في التعبير القرآني لغاية بلاغية.