فنزلت الآية ونهت النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تكرار هذا الفعل.
في الوقت الذي يفهم من روايات أخرى أن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قد صمّم أن يصلي عليه ، فنزل جبرئيل وتلا هذه الآية ، ومنعه من هذا العمل.
وتقول عدة روايات أخرى أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يصل عليه ، ولم يكن عزم على هذا العمل ، غاية ما في الأمر أن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أرسل قميصه ليكفن به لترغيب قبيلة عبد الله بن أبي في الإسلام ، ولما سئل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن سبب فعله هذا أجاب صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ قميصه سوف لن ينجيه من العذاب ، لكنّه يأمل أن يسلم الكثير بسبب هذا العمل ، وبالفعل قد حدث هذا ، فإنّ الكثير من قبيلة الخزرج قد أسلموا بعد هذه الحادثة.
وبالنظر إلى اختلاف هذه الرّوايات اختلافا كثير ، فإنّا قد صرفنا النظر عن ذكرها كسب للنزول ، خصوصا على قول بعض المفسّرين الكبار بأنّ وفاة عبد الله بن أبي كانت سنة (٩) هجرية ، أمّا هذه الآيات فقد نزلت في حدود السنة الثّامنة. (١) غير أن الذي لا يمكن إنكاره ، أنّ الظاهر من أسلوب الآية ونبرتها أن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصلي على المنافقين، وكان يقف على قبورهم قبل نزول هذه الآيات ، لأنّ هؤلاء كانوا مسلمين ظاهرا (٢) ، لكنّه امتنع من هذه الأعمال بعد نزول هذه الآية.
٢ ـ وكذلك يستفاد من الآية المذكورة جواز الوقوف على قبور المؤمنين
__________________
(١) راجع الميزان ، ج ٩ ، ص ٣٦٧.
(٢) يستفاد من مجموعة من الرّوايات أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصلي على المنافقين بعد نزول هذه الآية أيضا ، إلّا أنّه يكبر أربعا لا أكثر ، أي أنّه كان يصرف النظر عن التكبير الخامس الذي هو دعاء للميت. إنّ هذه الرّواية يمكن قبولها فيما لو كان معنى الصلاة هنا الدعاء ، و (لا تصل) في الآية هو (لا تدع) ، أمّا لو كان المراد (لا تصل) فإنّ هذه الرّواية تخالف ظاهر القرآن ، ولا يمكن قبولها. ولا يمكن إنكار أن جملة (لا تصل) ظاهرة بالمعنى الثاني ، ولذلك فإنّنا لا نستطيع ـ من وجهة نظر الحكم الإسلامي ـ أن نصلي على المنافقين الذين اشتهر نفاقهم بين الناس ، وأن نرفع اليد عن ظهور الآية لرواية مبهمة.