المعنى الأخير ، أي المسؤولية والتكليف.
ثمّ بيّنت الآية شرطا مهما في السماح لهؤلاء بالانصراف ، وهو إخلاصهم وحبّهم لله ورسوله ، ورجاؤهم وعملهم كل خير لهذا الدين الحنيف ، لذا قالت : (إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) أي إنّ هؤلاء إذا لم يكونوا قادرين على حمل السلاح والمشاركة في القتال ، فإنّهم قادرون على استعمال سلاح الكلمة والسلوك الإسلامي الأمثل ، وبهذا يستطيعون ترغيب المجاهدين ، ويثيرون الحماس في نفوس المقاتلين ، ويرفعون معنوياتهم بذكرهم الثمرات المترتبة على الجهاد وثوابه العظيم.
وكذلك يجب أن لا يقصروا في هدم وتضعيف معنويات العدو ، وتهيئة أرضية الهزيمة في نفوس أفراده قدر المستطاع لأنّ كلمة (نصح) في الأصل بمعنى (الإخلاص) وهي كلمة جامعة شاملة لكل شكل من أشكال طلب الخير والإقدام المخلص في هذا السبيل ، ولما كان الكلام عن الجهاد ، فإنّها تنظر إلى كل جهد وسعي يبذل في هذا المجال.
ثمّ تذكر الآية الدليل على هذا الموضوع ، فتذكر أن مثل هؤلاء الأفراد الذين لا يألون جهدا في عمل الخير ، لا يمكن أن يعاتبوا أو يوبّخوا أو يعاقبوا ، إذ (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ).
بعد ذلك اختتمت الآية بذكر صفتين عظيمتين من صفات الله عزوجل ـ وكل صفاته عظيمة ـ كدليل آخر على جواز تخلف هؤلاء المندرجين ضمن المجموعات الثلاث فقالت : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
(غفور) مأخوذة من مادة الغفران ، أي الستر والإخفاء ، أي إن الله سبحانه وتعالى سيلقي الستار على أعمال هؤلاء المعذورين ويقبل أعذارهم ، وكون الله «رحيما» يقتضي أن لا يكلف أحدا فوق طاقته ، بل يعفيه من ذلك ، وإذا أجبر هؤلاء على الحضور في ميدان القتال ، فإنّ ذلك لا يناسب غفران الله ورحمته ، وهذا يعني