وأنّ السرقة عمل سيء وغير مناسب.
وقال المفسّرون : إنّ المسجد الذي أشارت الآية إلى أنّه يستحق أن يصلي فيه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو «مسجد قبا» حيث بنى المنافقون مسجد ضرار على مقربة منه.
واحتمل أيضا أن يكون المقصود منه مسجد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو كل المساجد التي بنيت على أساس التقوى ، إلّا أنّنا لا حظنا تعبير (أَوَّلِ يَوْمٍ) وأن مسجد قبا هو أوّل مسجد بني في المدينة (١) ، علمنا أنّ الاحتمال الأوّل هو الأنسب والأرجح ، ولو أنّ هذه الكلمة تناسب أيضا مساجد أخرى كمسجد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثمّ يضيف القرآن الكريم أنّه بالإضافة إلى أنّ هذا المسجد قد أسس على أساس التقوى ، فإنّ (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ).
ولكن هل المراد من الطهارة في هذه الآية هي الطهارة الظاهرية والجسمية ، أم المعنوية؟
هناك بحث بين المفسّرين في الرّواية التي نقلت في تفسير (التبيان) و (مجمع البيان) في ذيل هذه الآية عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لأهل قبا : «ماذا تفعلون في طهركم ، فإنّ الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء؟» قالوا : نغسل أثر الغائط.
وقد نقلت روايات أخرى بهذا المضمون عن الإمام الباقر والصادق عليهماالسلام ، لكن ـ كما قلنا سابقا وأشرنا مرارا ـ مثل هذه الرّوايات لا تدل على انحصار مفهوم الآية في هذا المصداق ، بل ـ وكما يشير ظاهر إطلاق الآية ـ أنّ للطهارة هنا معنى واسعا يشمل كل أنواع التطهير ، سواء التطهير الروحي من آثار الشرك والذنوب ، أو التطهير الجسمي من الأوساخ والنجاسات.
وفي الآية الثّالثة من الآيات مقارنة بين فريقين وفئتين : المؤمنين الذين بنوا مساجد كمسجد قبا على أساس التقوى ، والمنافقين الذين بنوه على أساس الكفر والنفاق والتفرقة والفساد. فهي تقول أوّلا : (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ، ج ٢ ، ص ١٠٧.