«نعم». فقال الأنصاري : بيع ربيح لا نقيل ولا نستقيل (١).
كما هي طريقة القرآن المجيد ، حيث أنّه يجمل الكلام في آية ، ثمّ يعمد إلى التفصيل في الآية التي تليها ، فقد بيّن سبحانه في الآية الثّانية حال البائعين للروح والمال لربّهم عزوجل ، فذكر تسع صفات مميزة لهم :
١ ـ فهم يغسلون قلوبهم وأرواحهم من رين الذنوب بماء التوبة : (التَّائِبُونَ).
٢ ـ وهم يطهرون أنفسهم في نفحات الدعاء والمناجاة مع ربّهم : (الْعابِدُونَ).
٣ ـ وهم يحمدون ويشكرون كل نعم الله المادية والمعنوية : (الْحامِدُونَ).
٤ ـ وهم يتنقلون من مكان عبادة إلى آخر : (السَّائِحُونَ).
وبهذا الترتيب فإنّ برامج تربية النفس عند هؤلاء لا تنحصر في العبادة ، أو في إطار محدود ، بل إن كان مكان هو محل عبدة لله وجهاد للنفس وتربية لها بالنسبة لهؤلاء ، وكل مكان يوجد فيه درس وعبرة لهؤلاء فإنّهم سيقصدونه.
(سائح) في الأصل مأخوذ من (سيح) ، و (سياحة) والتي تعني الجريان والاستمرار.
وهناك بحث بين المفسّرين فيما هو المقصود من السائح في الآية ، وأي نوع من الجريان والاستمرار والسياحة هو؟ فالبعض يرى ـ كما قلنا أعلاه ـ إن السير في تربية النفس وجهادها إنّما يكون في أماكن العبادة ، ففي حديث عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سياحة أمّتي في المساجد» (٢).
والبعض الآخر يقول : إنّ السائح يعني الصائم ، لأنّ الصوم عمل مستمر طوال اليوم، وفي حديث آخر عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن السّائحين هم الصّائمون» (٣).
والبعض الآخر من المفسّرين يرى أن السياحة تعني التنقل والتجوال في
__________________
(١) الدّر المنثور ، كما ورد في تفسير الميزان.
(٢) تفسير الميزان ، ذيل الآية.
(٣) تفسير نور الثقلين ، وكثير من التفاسير الأخرى.