وفضيحتهم.
غير أنا إذا قرأنا آخر الآية حيث تذكر أنّ هؤلاء لم يتذكروا رغم كل ذلك ، سيتّضح أنّ هذا الاختبار من الاختبارات التي ينبغي أن تكون سببا في توعية هذه المجموعة.
ويظهر أيضا من تعبير الآية أنّ هذا الاختبار يختلف عن الاختبار العام الذي يواجهه كل الناس في حياتهم. وإذا أخذنا هذا الموضوع بنظر الإعتبار فسيظهر أن التّفسير الرّابع ـ أي إزاحة الستار عن أعمال هؤلاء السيئة وظهور باطنهم وحقيقتهم ـ أقرب إلى مفهوم الآية.
ويحتمل أيضا أن يكون للامتحان والابتلاء في هذه الآية مفهوم جامع بحيث يشمل كل هذه المواضيع.
ثمّ تشير الآية إلى الموقف الإنكاري لهؤلاء في مقابل الآيات الإلهية ، فتقول :(وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ).
إنّ خوف هؤلاء وقلقهم ناشي ، من أنّ تلك السورة تتضمن فضيحة جديدة لهم ، أو لأنّهم لا يفهمون منها شيئا لعمى قلوبهم ، والإنسان عدو ما يجهل.
وعلى كل حال ، فإنّهم كانوا يخرجون من المسجد حتى لا يسمعوا هذه الأنغام الإلهية، إلّا أنّهم كانوا يخشون أن يراهم أحد حين خروجهم ، ولذلك كان أحدهم يهمس في أذن صاحبه ويسأله : (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ)؟ وإذا ما اطمأنوا إلى أن الناس منشغلون بسماع كلام النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وغير ملتفتين إليهم خرجوا : (ثُمَّ انْصَرَفُوا).
إنّ جملة (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) ، كانوا يقولونها إمّا بألسنتهم ، أو بإشارة العيون ، في حين أن الجملة الثّانية (نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) تبيّن أمرا واحدا هو نفس ما عينته الجملة الأولى ، وفي الحقيقة فإنّ هل يراكم أحد تفسير لنظر بعضهم إلى البعض الآخر.