لألمكم ، وإذا كان يصرّ على هدايتكم ويتحمل الحروب المضنية الرهيبة ، فإنّ ذلك لنجاتكم أيضا ، ولتخليصكم من قبضة الظلم والاستبداد والمعاصي والتعاسة.
ثمّ تضيف أنّه (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) ويتحمس لهدايتكم.
«الحرص» في اللغة بمعنى قوة وشدة العلاقة بالشيء ، واللطيف هنا أن الآية أطلقت القول وقالت : (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) فلم يرد حديث عن الهداية ، ولا عن أي شيء آخر ، وهي تشير إلى عشقه صلىاللهعليهوآلهوسلم لكل خير وسعادة ورقي لكم. وكما يقال : إن حذف المتعلق دليل على العموم.
وعلى هذا ، فإنّه إذا دعاكم وسار بكم إلى ساحات الجهاد المريرة ، وإذا شدّد النكير على المنافقين ، فإنّ كل ذلك من أجل عشقه لحريتكم وشرفكم وعزتكم.
وهدايتكم وتطهير مجتمعكم.
ثمّ تشير إلى الصفتين الثّالثة والرّابعة وتقول : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) وعلى هذا فإنّ كل الأوامر الصعبة التي يصدرها ، (حتى المسير عبر الصحاري المحرقة في فصل الصيف المقرون بالجوع والعطش لمواجهة عدو قوي في غزوة تبوك) فإنّ ذلك نوع من محبته ولطفه.
وهناك بحث بين المفسّرين في الفرق بين «الرؤوف» و «الرحيم» ، إلّا أنّ الذي يبدو أن أفضل تفسير لهما هو أنّ الرؤوف إشارة إلى محبّة خاصّة في حقّ المطيعين ، في حين أنّ الرحيم إشارة إلى الرحمة تجاه العاصين ، إلّا أنّه يجب أن لا يغفل عن أن هاتين الكلمتين عند ما تفصلان يمكن أن تستعملا في معنى واحد ، أمّا إذا اجتمعتا فتعطيان معنى مختلفا أحيانا.
وفي الآية التي تليها ، وهي آخر آية في هذه السورة ، وصف للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه شجاع وصلب في طريق الحق ، ولا ييأس بسبب عصيان الناس وتمردهم ، بل يستمر في دعوتهم إلى دين الحق : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فهو حصنه الوحيد .. أجل لا حصن لي إلّا الله ، فإليه استندت و (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ