سبيل المحافظة على الذات وحفظ الآخرين وإصلاحهم أيضا.
وحين نجد ـ في التعاليم الإسلامية ـ أن اليأس من رحمة الله وثوابه من أعظم الذنوب والكبائر ، فقد يتعجب بعض الجهّال : كيف يكون اليأس من رحمة الله من الكبائر والى هذه الدرجة من الأهمية ، حتى أنّه أشدّ من سائر الذنوب الأخرى ، فإنّ حكمته و «فلسفته» في الحقيقة هو ما أشرنا إليه آنفا ، لأنّ العاصي الآيس من رحمة الله لا يرى شيئا ينقذه ويخلصه من عذاب الله ، فلا يفكر بإصلاح الخلل ، أو ـ يكفّ عن الذنب على الأقل لأنّه يقول في نفسه : أنا الغريق فهل أحشى من البلل؟ والنهاية الحتمية جهنّم ، وقد اشتريتها ، فما عسى أن أفعل؟ ... وما الى ذلك.
إلّا أنّه حين تنفتح له نافذة الأمل ، فإنّه سيرجو عفو ربّه ، ويتجه نحو تغيير نفسه وحاله ، ويحصل له منعطف جديد في حياته يدعوه الى التوقف عن مواصلة الذنوب والعودة نحو الطهارة والنقاء والإصلاح.
ومن هنا يمكننا أن نعتبر أنّ الأمل عامل تربوي مهم ومؤثر في المنحرفين أو الفاسدين، كما أنّ الصالحين لا يستطيعون أن يواصلوا مسيرهم في المحيط الفاسد إذا لم يكن لهم أمل بالانتصار على المفاسد.
والنتيجة أنّ معنى انتظار ظهور المصلح ، هو أنّ الدنيا مهما مالت نحو الفساد أكثر كان الأمل بالظهور أكثر ، والانتظار يكون له أثر نفسي كبير ، فيضمن للنفوس القوّة في مواجهة الأمواج والتيارات الشديدة كيلا يجرفها الفساد ، فهم ليسوا أربط جأشا فحسب ، بل بمقتضى قول الشاعر :
عند ما يأزف ميعاد الوصال |
|
فلظى العشّاق في أيّ اشتعال |
إذن فهم يسعون أكثر للوصول الى الهدف المنشود ، وتنشد همتهم لمواجهة الفساد ومكافحته بشوق لا مزيد عليه.
وممّا ذكرناه ـ آنفا ـ نستنتج أن الأثر السلبي للانتظار إنّما يكون في صوره ما لو مسخ مفهومه أو حرّف عن واقعه ، كما حرفه المخالفون والأعداء ، ومسخه