في كثير من الموارد بمعنى المرحلة ، كما نقول : في يوم ما كان الاستبداد يحكم بلادنا ، أمّا اليوم فهي في ظل الثورة الاسلامية تنعم الحرية ، ويعني أن مرحلة الاستبداد قد انتهت وجاءت مرحلة استقلال الشعب وحريته (١).
وعلى هذا فإنّ مفهوم الجملة أعلاه يكون : إنّ الله سبحانه قد خلق السماء والأرض في ستة مراحل ، ولما كنّا قد تحدثنا عن هذه المراحل الستة سابقا ، فإنّنا لا نكرر الكلام هنا(٢).
ثمّ تضيف الآية : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ). كلمة «العرش» تأتي أحيانا بمعنى السقف ، وأحيانا بمعنى الشيء الذي له سقف ، وتارة بمعنى الأسرّة المرتفعة ، هذا هو المعنى الأصلي لها ، أمّا معناها المجازي فهو القدرة ، كما نقول : فلان تربع على العرش ، أو تحطمت قوائم عرشه ، أو أنزلوه من العرش ، فكلها كناية عن تسلم القدرة أو فقدانها ، في الوقت الذي يمكن أن لا يكون للعرش أو الكرسي وجود في الواقع أصلا ، ولهذا فإنّ (اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) تعني أنّ الله سبحانه قد أمسك بزمام أمور العالم (٣).
«التدبر» من مادة (التدبير) وفي الأصل من (دبر) بمعنى الخلف وعاقبة الشيء ، وعلى هذا فإنّ معنى التدبير هو التحقق من عواقب الأعمال ، وتقييم المنافع ، ثمّ العمل طبق ذلك التقييم. إذن ، وبعد أن تبيّن أنّ الخالق والموجد هو الله سبحانه ، اتّضح أنّ الأصنام ، ـ هذه الموجودات الميتة والعاجزة ـ لا يمكن أن يكون لها أي تأثير في مصير البشر ، ولهذا قالت الآية في الجملة التالية : (ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) (٤).
__________________
(١) من أجل مزيد التوضيح ، وذكر الأمثلة في هذا المجال راجع ذيل الآية (٥٤) من سورة الأعراف.
(٢) المصدر السّابق.
(٣) لمزيد التوضيح والاطلاع على معاني العرش المختلفة ، راجع تفسير الآية (٥٤) من سورة الأعراف و (٢٥٥) من سورة البقرة.
(٤) لقد أوضحنا توضيحا كافيا مسألة الشفاعة المهمّة في المجلد الأوّل في تفسير الآية (٤٧) من سورة البقرة.