في كل مكان في جميع العوالم ، وأنّه أقرب إلينا منّا ، فإنّ هذه الحقيقة قد جعلت المفسّرين يفسرون (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) في هذه الآية ، والآيات الأخرى في القرآن ، تفاسير مختلفة : فقيل تارة أن المقصود هو أنّكم ترجعون إلى جزاء الله سبحانه.
وربّما اعتبر بعض الجاهلين هذا التعبير دليلا على تجسم الله سبحانه في يوم القيامة ، وبطلان هذه العقيدة أوضح من أن يحتاج إلى بيان وإثبات.
إلّا أنّ الذي يبدو بدقة من خلال آيات القرآن الكريم ، إنّ عالم الحياة كقافلة تحركت من عالم العدم وتستمر في مسيرتها اللانهائية نحو اللانهاية التي هي ذات الله المقدسة ، بالرغم من أنّ المخلوقات محدودة ، والمحدود لا يمكن أن يكون لا نهائيا قط ، غير أنّ سيره إلى التكامل لا يتوقف أيضا ، وحتى بعد قيام القيامة فإنّ السير التكاملي سيستمر ، كما أوضحنا ذلك في بحث المعاد.
يقول القرآن الكريم : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً).
ويقول : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ).
ولما كان بداية الحركة من جهة الخالق ، حيث شعت منه أوّل بارقة للحياة ، وأن هذه الحركة التكاملية ـ أيضا ـ تسير نحوه ، فقد عبّرت الآية بالرجوع. وبعبارة مختصرة فإنّ هذه التعبيرات إضافة إلى أنّها تشير إلى أن بداية حركة عامّة الموجودات من الله سبحانه ، فإنّها تبيّن أيضا أنّ هدف هذه الحركة وغايتها ، هي ذات الله المقدسة. وإذا لا حظنا أن تقديم كلمة «إليه» يدل على الحصر ، سيتّضح أن اي وجود غير ذات الله المقدسة لا يمكن أن يكون هدفا وغاية لهذه الحركة التكاملية لا الأصنام ولا أي مخلوق آخر ، لأنّ كل هذه الوجودات محدودة ، ومسير الإنسان مسير لا نهائي.
٢ ـ إنّ كلمة «القسط» تعني في اللغة إعطاء سهم آخر ، ولذلك فقد أخفي فيها