وهل هو نفس الإنسان الذي علمه الله البيان : (خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ)(١).
وأخيرا ، فهل أنّ هذا هو الإنسان الذي حثّه الله على السعي والكدح في المسير إلى الله : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً) (٢).
يجب أن نرى من هم الذين تتكرّس فيهم كل نقاط الضعف هذه ، بالرغم من كل هذه الكرامة والمحبة الإلهية؟
الظاهر أنّ هذه المباحث تتعلق بمن لم ينشأ في حجر القادة الإلهيين ، بل نشأ ونما كما تنمو الأعشاب ، فلا معلم ولا دليل ، وقد اطلق العنان لشهواته وغاص وسط الأهواء والميول.
من الطبيعي أنّ مثل هذا الإنسان لا يستفيد من إمكاناته وثرواته العظيمة ، ويسخرها في طريق الانحرافات والأخطاء ، وعند ذلك سيظهر كموجود خطر ، وفي النهاية عاجز وبائس. وإلّا فالإنسان الذي يستفيد من وجود القادة الإلهيين ، ويستغل فكره في مسير الحركة التكاملية والحق والعدل ، فإنّه يخطو نحو مرتبة الآدمية ، ويستحق اسم «بني آدم» ويصل إلى درجة لا يرى فيها إلّا الله سبحانه ، كما يقول القرآن : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً)(٣).
* * *
__________________
(١) الرحمن ، ٣.
(٢) الإنشقاق ، ٦.
(٣) الإسراء ، ٧٠.