رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ) ولذلك يجب أن تهيئوا أنفسكم للجواب والعقاب في الحياة الأخرى.
وسنبحث كتابة الأعمال والملائكة المأمورين بها في الآيات المناسبة.
وتغوص الآية التالية في أعماق فطرة البشر ، وتوضح لهؤلاء حقيقة التوحيد الفطري ، وكيف أن الإنسان عند ما تلّم به المشاكل الكبيرة وفي أوقات الخطر ، ينسى كل شيء إلّا الله تبارك وتعالى ويتعلق به ، لكنّه بمجرّد أن يرتفع البلاء وتزول الشدّة وتحل المشكلة ، فإنّه سيسلك طريق الظلم ويبتعد عن الله سبحانه.
تقول الآية : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ) في هذا الحال بالضبط تذكروا الله ودعوه بكل إخلاص وبدون أية شائبة من الشرك ، و (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) فيرفعون أيديهم في هذا الوقت للدعاء : (لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ). فلا نظلم أحدا ولا نشرك بعبادتك غيرك.
ولكن ما أن أنجاهم الله وأوصلهم إلى شاطئ النجاة بدؤوا بالظلّم والجور : (فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) لكن يجب أن تعلموا ـ أيّها الناس ـ إنّ نتيجة ظلمكم ستصيبكم أنتم (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) وآخر عمل تستطيعون عمله هو أن تتمتعوا قليلا في هذه الدنيا : (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) (١) (ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
* * *
__________________
(١) إنّ كلمة (متاع) منصوبة بفعل مقدر ، وفي الأصل كانت : تتمتعون متاع الحياة الدنيا.