نعم ، هكذا هي الحوادث في حياة البشر ، خصوصا في عصرنا الحاضر حيث تدمّر زلزلة أو حرب لا تطور إلّا ساعات قليلة مدينة عامرة وجميلة ، ولا تبقي منها إلّا الأنقاض. وأجساد متنائرة هنا وهناك.
آه ... ما أشد غفلة الذين يفرحون بمثل هذه الحياة الزائلة الفانية؟!
٢ ـ في جملة (فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ) ينبغي الالتفات إلى أنّ الاختلاط في الأصل ـ كما قال الراغب في المفردات ـ هو الجمع بين شيئين أو أكثر ، سواء كانت سائلة أو جامدة. والاختلاط أعم من الامتزاج ، لأن الامتزاج يطلق عادة على السوائل ، وعلى هذا يكون معنى الجملة أنّ النباتات يختلط بعضها بالبعض الآخر بواسطة ماء المطر ، سواء النباتات التي تنفع الإنسان ، أو الحيوان (١).
وتشير الجملة أعلاه ـ أيضا ـ إشارة ضمنية إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ الله سبحانه ينبت من ماء المطر ، الذي هو نوع واحد وليس له إلّا حقيقة واحدة ، أنواع النباتات المختلفة التي تؤمن مختلف حاجات الإنسان والحيوان من المواد الغذائية.
* * *
__________________
(١) يتّضح ممّا قيل أعلاه أنّ الباء في (به) سببية ، ولكن قد احتمل البعض أنّها بمعنى (مع) ، أي إنّ ماء ينزل من السماء ويختلط بالنباتات ، وينميها وينضجها. إلّا أنّ هذا الاحتمال الثّاني لا يناسب آخر الآية الذي يقول:(مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ) لأنّ ظاهر هذه الجملة أنّ المقصود هو الاختلاط بين أنواع الأعشاب ، لا اختلاط الماء والنبات. دققوا ذلك.