المقابل للمجموعة الأولى ، فتقول : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) وهنا لا يوجد كلام عن الزيادة ، لأنّ الزيادة في الثواب فضل ورحمة ، أمّا في العقاب فإنّ العدالة توجب أن يكون بقدر الذنب ولا يزيد ذرة واحدة. إلّا أن هؤلاء عكس الفريق الأوّل مسودة وجوههم (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) (١).
ويمكن أن يقول قائل : إنّ هؤلاء يجب أن لا يروا من العقاب إلّا بقدر ذنوبهم ، وأنّ اسوداد الوجه هذا ، وغبار الذل الذي يغطيهم شيء إضافي. لكن ينبغي الانتباه إلى أن هذه هي خاصية وأثر العمل الذي ينعكس من داخل روح الإنسان إلى الخارج ، تماما كما نقول : إنّ الأفراد المعتادين على شرب الخمر يجب أن يجلدوا. وفي الوقت نفسه فإنّ الخمر تولد مختلف أمراض المعدة والقلب والكبد والأعصاب.
وعلى كل حال ، فقد يظن المسيئون أنّهم سوف يكون لهم طريق للهرب أو النجاة ، أو أنّ الأصنام وأمثالها تستطيع أن تشفع لهم ، إلّا أن الجملة التالية تقول بصراحة : (ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ).
إنّ وجوه هؤلاء مظلمة ومسودة إلى الحد الذي (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
* * *
__________________
(١) من الممكن ، بقرينة الآية السابقة ، أن تكون جملة (ترهقهم ذلة) بتقدير : يرهقهم قتر وذلة) ، وبقرينة المقابلة حذفت (قتر) لأجل الاختصار.