وفي كتاب الأمالي للشيخ الطوسي قدس سرّه ورد هذا المضمون ذاته عن النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أدى زكاة مال فما تبقّى منه ليس بكنز». (١)
إلّا أنّنا نقرأ روايات أخرى في المصادر الإسلامية لا ينسجم ظاهرا ـ ولأوّل وهلة ـ والتّفسير الآنف الذكر ، ومنها ما ورد عن الإمام علي عليهالسلام في مجمع البيان أنّه قال : «ما زاد على أربعة آلاف (٢) فهو كنز أدّى زكاته أو لم يؤدّها ، وما دونها فهي نفقة ، فبشرهم بعذاب أليم». (٣)
وقد ورد في الكافي عن معاذ بن كثير ، أنّه سمع عن الصادق عليهالسلام يقول : «لشيعتنا أن ينفقوا ممّا في أيديهم في الخيرات ، وما بقي فهو حلال لهم ، إلّا أنّه إذا ظهر القائم حرم جميع الكنوز والأموال المدخرة حتى يؤتى بها إليه ويستعين بها على عدوه ، وذلك معنى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ). (٤)
ونقرأ في سيرة أبي ذر رضوان الله عليه في كثير من الكتب أنّه لما كان في الشام ، كان يقرأ الآية ـ محل البحث ـ في شأن معاوية ، ويقول بصوت عال صباح مساء :«بشر أهل الكنوز بكيّ في الجباه وكيّ بالجنوب وكيّ بالظهور أبدا حتى يتردّد الحرّ في أجوافهم». (٥)
كما يظهر من استدلال أبي ذر رضى الله عنه بالآية في وجه عثمان ، أنّه كان يعتقد أنّ الآية لا تختص بمانعي الزّكاة ، بل تشمل غيرهم أيضا.
ويمكن الاستنتاج من مجموع الأحاديث ـ آنفة الذكر ـ منضمة إليها الآية محل البحث ، أنّه في الظروف الاعتيادية المألوفة ، حيث يرى الناس آمنين ، أو غير محدق بهم الخطر ، والمجتمع في حال مستقر ، فيكفي عندئذ دفع الزكاة وما تبقى لا
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١٣.
(٢) المقصود بها أربعة آلاف درهم لأنّها مخارج السنة.
(٣) مجمع البيان ، ذيل الآية محل البحث ، ونور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١٣.
(٤) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١٣.
(٥) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١٤ وتفسير البرهان ، ج ١ ، ص ١٢٢.