لا تفهم ممّا نقول شيئا! (١).
وفي الآية التالية إشارة إلى واحدة من العلل الأساسية لمخالفة المشركين ، فتقول : إنّ هؤلاء لم ينكروا القرآن بسبب الإشكالات والإيرادات ، بل إن تكذيبهم وإنكارهم إنّما كان بسبب عدم اطلاعهم وعلمهم به : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ).
في الواقع ، إنّ سبب إنكارهم هو جهلهم وعدم اطلاعهم ، لكن المفسّرين احتملوا احتمالات متعددة فيما هو المقصود من هذه الجملة وأن الجهل بأي الأمور كان ، وكان تلك الاحتمالات يمكن أن تكون مقصودة من الجملة : الجهل بالمعارف الدينية والمبدإ والمعاد ، كما ينقل القرآن قول المشركين في شأن المعبود الحقيقي (الله) ، حيث كانوا يقولون : (أجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) (٢). أو أنّهم كانوا يقولون في مسألة المعاد: (أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) (٣) ، (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) (٤).
في الحقيقة لم يكن لهؤلاء أي دليل على نفي المبدأ والمعاد ، وكان الجهل والتخلف الناشئ من الخرافات والتعود على مذهب الأجداد هو السد الوحيد في طريقهم.
أو الجهل بأسرار الأحكام.
أو الجهل بمفهوم بعض الآيات المتشابهة.
أو الجهل بمعنى الحروف المقطعة.
__________________
(١) تفسير في ظلال القرآن ، ج ٤ ، ص ٤٢٢.
(٢) سورة ص ، ٥.
(٣) الإسراء ، ٩٧.
(٤) سورة سبأ ، ٨.