بقاعدة «لزوم دفع الضرر المحتمل» (١).
وفي الآية التالية ورد جواب رابع لهؤلاء ، فهي تقول : إذا كنتم تفكرون أن تؤمنوا حين نزول العذاب ، وأنّ إيمانكم سيقبل منكم ، فإنّ ظنّكم هذا باطل لا صحّة له : (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) ، لأنّ أبواب التوبة ستغلق بوجوهكم بعد نزول العذاب ، وليس للإيمان حينئذ أدنى أثر ، بل يقال لكم : (آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ).
هذا بالنسبة لعقاب هؤلاء الدنيوي ، وفي الآخرة : (ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) ، فإنّ أعمالكم في الواقع هي التي أخذت بأطرافكم ، وهي التي تتجسد أمامكم وتؤذيكم على الدوام.
* * *
ملاحظات
١ ـ كما قلنا في ذيل الآية (٣٤) من سورة الأعراف ، فإنّ بعض أهل البدع والأديان المختلقة في عصرنا استدلوا بآيات. مثل : (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) التي وردت مرّتين في القرآن ، على نفي خاتمية نبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتوصلوا إلى أن كل دين ومذهب ينتهي في النهاية ويخلي مكانه لمذهب آخر. في حين أن الأمّة تعني القوم والجماعة. لا المذهب.
إنّ هدف هذه الآيات هو أنّ قانون الحياة والموت لا يختص بالأفراد ، بل إنّه يشمل الأقوام والأمم أيضا ، فإذا سلكوا طريق الظلم والفساد فإنّهم سينقرضون لا
__________________
(١) يتّضح ممّا قلناه أعلاه ، أنّ الآية المذكورة تشتمل على قضية شرطية ، ذكر شرطها ، إلّا أنّ جزاءها مقدر ، وجملة : (ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) جملة مستقلة. وتقدير الآية هكذا : أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا كنتم تقدرون على دفعه أو تعدونه أمرا محالا فإذا كان الأمر كذلك (ماذا يستعجل منه المجرمون). وما احتمله البعض من أن جملة : ماذا يستعجل .. هي جزاء الشرط بعيدا جدا. دققوا ذلك.